لا مزيـدَ مـن السـيلفي يا ميركـل.

 

د.جميل م. شاهين

أنغيلا دوروتيا كاسنر، 61 عاماً، والتي ما زالت تحمل اسم زوجهـا الأول الصامت، أول امرأة تُنتخبُ كمستشارة لألمانيا، وأقوى نساء العالـم لخمس سنوات، الحائزة على 14 جائزة ووسام عالمي منها عام 2014 كأقوى وأكثر شخصية عالمية مؤثرة بين زعمـاء العالم، زعيمة حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي، الفتاة الشرقية المتفوقة في المدرسة لا سيما في اللغة الروسية والرياضيات، الحائزة على شهادة دكتوراه في الفيزياء، تمرّ هذه الأيام بانتكاسـة قد تقضي على كافـة انجازاتهـا طيلة فترة حياتها السياسية. والسبب:

ـ معاداتها لروسـيا، معاداة تواجه معارضة شديدة من الألمان الشرقيين الذين ما زالت تربطهم بموسكو علاقات تاريخية، وحتى النازيين الذين يرفضون، ليس محبة بروسـيا،  طريقة الخضـوع الألماني لواشنطن بمعاداة موسـكو، وأيضاً تأثير الجالية الروسية الكبيرة والتي تنتقد سياسة ميركل بقبول اللاجئين على أراضيها، وكان اغتصاب الفتاة ليزا، 13 عاماً، من أصل روسـي في برليـن من قِبل شابين تركييـن، وتحفظ السلطات الألمانية عن نشر أية معلومات عن القضية المشينة، قد أثار حفيظة الروس وعلى رأسهم وزير الخارجية سيرجي لافروف الذي قال رداً على اتهامه بتوظيف القضية سياسياً: “يتدخل أصدقاؤنا الألمان في الكثير من جوانب الحياة المختلفة في روسيا أكثر بكثير مما نفعل معهم، ليس فقط في مجال حقوق الإنسان بل في جميع المجالات.”

ـ محاباتها لتركيـا، البلد المكروه أوروبيـاً سواء من الشعب أو من الحكومات، وتأييدها لانضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي كعضو كامل، حتى إن كان هذا التأييد مداراة لحثّ تركيا على الحد من موجات اللاجئين عبر أراضيها باتجاه اليونان، أو لكسب أصوات الجالية التركية في ألمانيا. ويبدو أن السيدة ميركـل سمعت البارحة بقصـة 5 حزيران، فطالبت بحظر جوي فوق سـوريا تأييداً لمطلب أيردوغان، وضد مَـنْ؟ ضد الطيران الروسـي!

ـ سياسـتها الفاشـلة في ملف اللاجئـين، واتهامها الصريح بوسائل الإعـلام بأنها جاءت بكارثة لألمانيا باستقبالها مئات الآلاف من “الشعوب المتخلفة الجائعة لكل شيء إلا الحضـارة”. يقارن خبراء الاجتمـاع بين سياسة الهجرة الأمريكية، التي تقبل نخبة معينة من المهاجرين، بينما لم تأتِ ميركل سوى بمهاجرين عطشى للجنس والإرهاب والسرقة، ويقولون: “حتى في مجال الهجرة لم تتعلم ميركل من الولايات المتحـدة شيئاً، فلم يدخل ألمانيا سوى 6% من اللاجئين الحاصلين على شهادات جامعية، والباقي لاجئون اقتصاديون، سيكونون عالَـة على الألمان.”

بعد تعليق رمزي لمشنقة ميركل في أكثر من مدينة ألمانية، ومطالبتها بالتنحي وتهديد 50 نائباً برلمانياً لها بحجب الثقة من حزبها، جاءتها البارحة صفعـة جديدة من دول الاتحاد الأوروبي الشرقية المُسماة /فيسيغراد/، حيث ستتقدم دول التشيك وبولندا والمجر وسلوفاكيا، بطلب لقمة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس في بروكسل ضد المستشارة ميركل وسياستها في ملف اللاجئين، لغلق طريق البلقـان نهائيـاً، ورفض خطتها بتوزيـع اللاجئين على دول الاتحـاد، وسوف تنضم لهذه الدول بلغاريا، ومقدونيـا غير العضو في الاتحاد الأوروبي، الطلب هذا هو أقوى انتكاسة لسياسة ميركل خاصّة أنه يحمل تهديـداً بإلغاء اتفاقية تشنغن إن أصرت على موقفها. حتى لوكسمبورغ، الدولة الصغيرة، أشار وزير خارجيتها جان اسيلبورن إلى أن التضامن مع بلدان فيسيغراد سـيزداد..

دعم أمن الحدود الشرقية والجنوبية لأوروبا عسكرياً هو الشغل الشاغل للأوروبيين، فقد انتهت مقدونيا من بناء سياج شائك بطول 60 كيلومتراً وارتفاع 3 أمتار على حدودها مع اليونان، وكانت النتيجة الأولى لهذا السياج مقتل لاجئَـين حاولوا اجتيازه. تم التعتيم على الخبر، وقيل أنهما ماتا بسبب البرد! وظهر الجنود المقدونيون بكامل عتادهم العسكري من أسلحة فردية، وليس فقط هراوات، وكأنهم يستعدون لخوض حرب ضد القادمين عبر البحار في الربيع القادم.

 

لم تقرأ المستشارة ميركل التاريخ جيداً، وأنّ صداقة ألمانيـا لتركيـا ومعاداتها لروسـيا، سببت لها نكسـات وهزائم كبيرة عبر الـ200 سنة الماضية، وأنّ صداقـة الأتـراك كصداقـة البُـوم، تؤدي دائماً للخراب، فقد أيدت ألمانيا العثمانيين في مجازرهـم ضد الأرمن والسريان والآشوريين، ولم تسمع بأنّ نابليون القائد الذي لم يهزم، عاد من روسيا عام 1812 ومعه 40 ألف جندي فرنسي من أصل 450 ألفاً، قتلهم الروس والصقيع. وأنّ فرنسا وبريطانيا ومملكة إيطاليا وفوقهـم العثمانيون، كلهم خسروا حربهم ضد الروس عام 1854 في جزيرة القرم. ماذا عن خسارة ألمانيا الحرب العالمية الأولى ومعها تركيـا على يـد روسيا القيصيريـة؟ ثم الحرب العالمية الثانية والسبب الرئيسي معاداتها لروسيا الشيوعية؟

تركيــا بومـة اسـتسِخت عن شـيطان رجيم، فابتعـدي عنهـا يا ميركــل قبل فوات الأوان، وابتعدي عـن السـيلفي أيضاً!.   

هل هـي حساباتك الخاطئـة، أم لعنـة ســوريا يا سـيدة ميركـل؟

د.جميل م. شاهين 16.02.2016