مصر إلى أين، أهو الربيع الثاني؟

مظاهرات مصر إلى أين؟ Dr. Jameel M. Shaheen أهو الربيع الثاني؟ Firil Center For Studies, Berlin, German. الأستاذ زيد م. هاشم.

#مصر_إلى_أين؟ #الإخوان_المسلمين

اندلعت مساء الجمعة 20 أيلول 2019، مظاهرات في القاهرة ومدن أخرى، كان هتافها التقليدي المكرر “إسقاط النظام”. المظاهرات جاءت عقب مباراة بين فريقي الزمالك والأهلي، وعُزيت على أنها استجابة لدعوة الممثل والمقاول المصري المقيم في إسبانيا، محمد علي. المُقاول دعا المصريين، في عدة فيديوهات نشرها، إلى النزول إلى الشارع عقب المباراة وتوثيق ما يجري بالصور والفيديوهات للتعبير عن رفضهم لحكم السيسي.

فاسدٌ يتهمُ فاسدين والعامة تُساق

تحدّث محمد علي عن فساد بالمليارات في السلطة الحاكمة بمصر، وكأنه ملاكٌ نزل من سماء الطهر، بينما هو شريكٌ بهذا الفساد منذ سنوات. استجابة الشعب كانت سهلة فانساقوا كالعادة وكأنّ “الذاكرة اللحظية” لديهم هي المسيطرة!. فنزول المتظاهرين وظهور أنّ ذلك جاء استجابة للمقاول من أولى الأخطاء التي بدأت في مصر. سنشرح ذلك.

المظاهرات وصلت بالإضافة للقاهرة، إلى الجيزة والإسكندرية والسويس والغربية والدقهلية والقليوبية وبني سويف والشرقية والغربية ودمياط. حيث كانت الميادين الرئيسة مسرحاً لها، من أبرزها ميدان التحرير رمز مظاهرات 25 كانون الثاني 2011 التي أسقطت حسني مبارك، حسب ما يُقال.

الشعارات ذاتها مع استبدال الأسماء؛ “إرحل إرحل يا سيسي” “قول ما تخفشي، الخاين لازم يمشي”، والفئة المسيطرة هم الشباب الذكور مع ندرة الإناث. وجوه مظاهرات كانون الثاني 2011 لم تظهر، فهم إما في السجون أو “انتهت” مهمتهم ولابد من وجوه جديدة ستظهر قريباً. ولا تستغربوا أن يُصبحَ المُقاول “رمزاً” للثورة الجديدة على فرض أنها ثورة، فآلة الشحن الإعلامية القطرية بدأت بعناوين عريضة “مظاهرات ضد السيسي”. “مشاهد تحبس الأنفاس”. “إرحل إرحل يا سيسي”، مع فيديوهات تعود لعام 2011، والشعبُ يُساق…

السبب الحقيقي، أهو الربيع الثاني؟

في هذا البحث الذي نشرناه في آب 2018، توقعنا ما يحدث ولن نتفاجأ إن تدهورت الأمور أكثر… حكوماتٌ لا تريد أن تتعلّم من تجارب سابقاتها.

بحيادية، وحسب معلومات مركز فيريل للدراسات، لم يتغيّر الوضع كثيراً عن العهود السابقة، بل ازداد سوءاً مقارنة بعهد مُبارك رغم فسادهِ. الحكومة المصرية تتحدّثُ عن مشاريع عملاقة بعشرات المليارات، واكتشافات للغاز والثروات الباطنية في البحر والصحراء، ونمو اقتصادي… ثم رفع مستوى دخل المواطن المصري ومحاربة البطالة والفساد. وكلّ ماورد ليس أكثر من حبر على ورق والأرقام تتكلم.

وصلت نسبة الفقر في مصر مع نهاية 2018 إلى 32,6% مقابل 28,9% عام 2017، و 27,8% عام 2016، أي أنها ترتفعُ، بحساب بسيط؛ هناك حوالي 29 مليون مصري “فقير”، هل تخيّلتم الرقم؟. يُقدر مركز فيريل نسبة البطالة في مصر بـ 11,5% لعام 2018، بانخفاض عن عام 2017 والتي كانت 12,2%. أي هناك أكثر من 3 ملايين ونصف عاطل عن العمل، القسم الأكبر منهم أقل من 30 عاماً، الملايين هذه تُعاني من الفقر وانعدام الدخل، بينهم مئات الآلاف من خريجي الجامعات، ولا يُمكن أن يلاموا إن خرجوا في مظاهرات لكن ليس بتحريضٍ واستجابة لطلب المقاول، أو بتدخل خارجي… إذاً؛ الفقر هو أحد أهم أسباب التحرّك الشعبي، الآن أو في المستقبل… فمن أين جاء الفقر؟

إن كنتم تذكرون بحث “خمس دول عربية معرضة للإفلاس. ما هي؟”. راجعوا البحث. قلنا عن مصر أنها معرّضة للإفلاس، والسبب؟… تتحدث الحكومة المصرية عن خطط إصلاح اقتصادية ناجحة، مستشهدةً بتقارير صندوق النقد الدولي عن ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي وتراجع نسبة التضخم… “ذئبٌ يشهد لكبشٍ قبيل عيد الأضحى”!!. هل امتلأت معدة المواطن المصري من تقارير صندوق النقد الدولي؟

السبب الرئيسي للفقر هو الفساد ثم الزيادة الهائلة في عدد السكان وارتفاع معدلات الولادة. يتمّ استغلال رقم عدد سكان مصر للتباهي والتهديد في حال حصول خلافات مع دولة أخرى!! قفز عدد سكان مصر من 27,9 مليون عام 1960 إلى 96,3 مليون عام 2018، بنسبة فاقت التوقعات، ولديها حوالي 30 مليون يد عاملة الآن، فهل لدى الحكومة المصرية 30 مليون فرصة عمل؟

قصور وفيلات وشواطئ سياحية. يخوتٌ وصالات لهوٍ وأثرياء يتجولون بسياراتهم الفارهة، وحكومة تشغل الشعب بالدّين بمساجد مذهّبة، بينما الجوع يضرب الملايين… فكيف تطلبون من أعداء مصر ألا ينتهزوا الفرصة؟ ما هي التوقعات؟

توقعات مركز فيريل للدراسات حول مصر

الإعلام المصري الرسمي كغيره من وسائل الإعلام العربية، خشبيّ بامتياز… تجاهل مظاهرات الجمعة ببثّ برامج ترفيهية وأغانٍ ومسلسلات وكأنّ الشعبَ غبيّ لا يعرف ماذا يجري في الشارع… إنه إعلام الاستغباء، ولا ندري مَن هو الغبي!! ومصر بخير و”خلصت وفشلت”…

مساء البارحة السبت، عادت المظاهرات إلى السويس، واستخدمت الشرطة المصرية قنابل الغاز لتفريق متظاهرين يُطالبون برحيل السيسي. إذاً الأمور لن تهدأ هكذا بخطابٍ من السيسي أو تطمينات حكومية…

المظاهرات وحسب توقعات مركز فيريل للدراسات، ستتكرر. معلوماتنا هنا في برلين أنّ الإخوان المسلمين دخلوا على الخط، كعادتهم يستغلون الوضع ويركبون القطار. قطر وتركيا ستدعمهم وكذلك تل أبيب… الإخوان المسلمون جاهزون للانقضاض على الحكم فلا تحاولوا التقليل من شأنهم… والمقصود ضمن ذلك “الجيش المصري”. يجب تحريك الجيش المصري ضد الشعب أو ضد السلطة الحاكمة، وهذا أمرٌ غير ممكن بسبب ولائه الحالي للسيسي… لماذا لا يتم شقّهُ؟ وبالتالي تذهب مصر نحو المجهول ومعها جيشها الذي باتَ من أقوى جيوش الشرق الأوسط. إذاً؛ يجب التخلص من الجيش المصري.

ماذا عن الخلايا الإرهابية النائمة؟ هل سيتم تحريكها للقيام بعمليات إرهابية وتفجيرات واغتيالات هنا وهناك، التيارات السلفية تملأ مصر من سيناء إلى حدود السودان وليبيا.

أن تُغمضَ القيادة المصرية عيونها مطمئنة لدعم الغرب لها وعلى رأسهم واشنطن، فهذا الدعم لن يكون دون مقابل، فما هو المقابل لبقاء السيسي؟ أهي صفقة القرن أو محاربة إيران أم ماذا؟ الأمور مرشحة للتدهور في مصر وضبطها منوط بما ستقوم به الحكومة المصرية من إجراءات سريعة تحدّ من نقمة “الفقراء” وبشكل دائم وليست إبر تخدير… كعادة الحكومات. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات الدكتور جميل م. شاهين. الأستاذ زيد م. هاشم. 22.09.2019.

ملاحظة: يبدو أنّه على أصحاب رؤوس الأموال السوريين الـ 23 مليار دولار في مصر، التيقظ وإعادة حساباتهم…