أهوَ الغباء الغربي وراء جرائم الإرهاب في أوروبا والولايات المتحدة؟

مرة أخرى يضرب الإرهاب الولايات المتحدة الأمريكية وبنفس الطريقة؛ “مواطن أمريكي يهاجم بوحشية المدنيين.”. 

الهجوم الإرهابي على نادٍ للمثليين بولاية فلوريدا الأمريكية، فجر اليوم الأحد والذي أوقع 51 قتيلاً و 54 جريحاً، إصابة 9 منهم خطيرة. والذي يعتبر أسوأ حادث إطلاق نار في تاريخ الولايات المتحدة، نفذّهُ مواطن أمريكي من أصول أفغانية، 29 عاماً، يدعى “عمر صديقي متين”، هذا المتين ولد في نيويورك، تربى وعاش على الأخلاق الأمريكية، وكان شخصاً موثوقاً به مخلصاً في عمله، يعملُ “حارساً للأمن”! هكذا يعتقدُ “الأغبياء” الأمريكان والأوروبيون، وكم يلزمهم أن يتعلموا… لكنه استجوبَ بسبب ميوله الإسلامية المتطرفة، وكان على قائمة المراقبة للأشخاص المشتبه في تعاطفهم مع داعش، ورغم ذلك بقي يعمل حارساً خاصّاً! فأي رقابة هذه يا أمريكان؟! حتى أوباما لم يسمِّ الأمور بمسمياتها، واتهم الإرهاب والكراهية… 

الغباء الأميركي تمثل في أمرين: 

  1. الأمر الأول: مهما عاش هذا المتين في الولايات المتحدة وظهر أنّه تأقلم مع المجتمع ويعيش كمواطن غربي، فتكفيه زيارة واحدة لأفغانستان أو اجتماع بشيخ مسلم سعودي أو غير سعودي في عقر بيت أوباما، كي يتحوّل لإرهابي مجرم.
  2. الأمر الثاني: طريقة اقتحام المكان تدل على أنّ القوات الخاصة الأمريكية إما أنها لا تفقهُ شيئاً في عمليات الاقتحام، فقد كان ضابط شرطة بين القتلى، أو أنها كانت تتقصد أن يقعَ هذا العدد الكبير من القتلى!. فقبيل الاقتحام كان عدد القتلى لا يتجاوز 20 قتيلاً، لكنه ارتفع إلى 51 فور الاقتحام لأن “المتين” تأكد أنه ميت لا محالة، فأفرغ كل حقده بالرهائن.

الآن اتهمت داعش بالهجوم وهو المطلوب، ومنذ اللحظة الأولى قال نائب مكتب التحقيقات الاتحادي رون هوبر: “لدينا شكوك بأنّ عُمَر لديه نفس الأيديولوجية الداعشية.” هو تمهيدٌ، واللاحق قد يكون أنه جاء من سوريا، ولا أدري إن كانوا سيجدون جواز سفر سوري بجانب سور النادي الذي هاجمه الإرهابي عُمر!

إذا عدنا للجرائم الإرهابية التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، خلال السنوات السابقة ابتداءً من 11 أيلول 2001 حتى يومنا هذا، نجد دائماً:

  1. أصابع السعودية ظاهرة تماماً في كافة الجرائم الإرهابية التي ارتكبت في الغرب، وتشاركها أصابع تركية أحياناً. المشاركة السعودية تكون بعدة أشكال؛ المنفذون أحياناً سعوديون، المساجد والمراكز الدينية التي يتم فيها نشر الكراهية والتخلّف والإرهاب تكون بتمويل سعودي، التحريض ونشر الأفكار الإسلامية الإرهابية يبدأ من مساجد السعودية ورجال دينها عبر خطبهم. رغم ذلك يتم تجاهل ذلك من قِبَل الغرب!
  2. المنفذون دائماً مواطنون إسلاميون، عاشوا في أوروبا وأميركا سنوات طويلة، وبعضهم ولد هناك أو كان من الجيل الثاني. تعلموا في مدارسها وانخرطوا في مجتمعاتها، لكنهم فجأة تحولوا إلى وحوش بشرية مغسولة الأدمغة.
  3. تدرّب المنفذون أو قاتلوا في أفغانستان ومن تنظيم القاعدة، فهاجم الناتو أفغانستان وكل مكان فيه هذا التنظيم، الآن أصبحت سوريا هي المكان الذي تمّ فيه تدريبهم واكتسابهم للخبرة القتالية، ومن تنظيم داعش، والهجوم مستمر على داعش في سوريا وغيرها.
  4. المنفذون بشكل عام متعلّمون درسوا في الدول الغربية، تحولوا فجأة لإرهابيين لمجرد زيارتهم لمسجد أو التقائهم برجل دين إسلامي متعصّب، ابتداءً من محمد عطا المهندس المصري الذي درس في ألمانيا 7 سنوات، وكانت زيارة واحدة له للحج في السعودية كافية لتجنيده لصالح القاعدة، إلى زياد الجراح الذي درس في ألمانيا أيضاً وتزوج من طبيبة تركية، وكان لا يتركُ صالة ديسكو أو ملهى في بيروت إلا ويدخله، فجأة وبعد زيارة لمسجد هامبورغ أصبح متديناً ثم إرهابياً. إلى عبد الحميد أبا عود منفذ هجمات باريس تشرين الثاني 2015، إلى صلاح عبد السلام البلجيكي المولد مغربي الأصل الذي نفذ هجوم بروكسل الإرهابي آذار 2016، والذي كان متهماً بجرائم سرقة ونشل، تحوّل لمتدين ثم إرهابي.
  5. الغرب لا يريد أن يفهم أنّ المساجد التي تبنيها السعودية، والتي تقدم حكوماتهم أحياناً كثيرة قطعة الأرض مجاناً، أو تقدّم البلدية كنيسة وتحولّها لجامع كما حدث في هامبورغ في ألمانيا، هذه المساجد هي مزارع لا “تُفرّخُ” سوى الإرهاب.
  6. لم يتعلّم الغرب من أخطائه أو من أخطاء غيره، على فرض أن ما يقوم به هو خطأ غير مقصود. أما الحديث عن تشويه صورة الإسلام، وما يذهب إليهِ البعض، فالمسلمون هم أكثر الناس تشويهاً لدينهم، وهم الذين قتلوا من بعضهم أضعاف ما قتله الباقون منهم.
  7. في أوروبا مئات الآلاف من المسلمين الذين لا يفصلهم عن أن يكونوا إرهابيين سوى زيارة لمســجد ســعودي، فهل سيتمكن “الغباء” الغربي من منعِ هذه الزيارة؟

الكاتب د. جميل م. شاهين ـ برلين 12.06.2016