إنخفاض أسعار خدمات الاتصالات حول العالم. تقرير مركز فيريل للدراسات 29.05.2022

إنخفاض أسعار خدمات الاتصالات حول العالم. تقرير مركز فيريل للدراسات. 29.05.2022.

تحتدُّ المنافسة بين شركات الاتصالات العالمية لكسب المزيد من المستخدمين، بتخفيض أسعارها وتحسين الجودة. وتصلُ المنافسة لمرحلة تقدّمُ فيها الشركة بعض الخدمات مجاناً ولسنة كاملة عند تغيير “الزبون” نحوها. ينطبقُ هذا الكلام على معظم دول المعمورة، لكنه لا يخلو من استثناءات.

إنخفاض أسعار خدمات الاتصالات حول العالم

أشار أحدث تقرير للاتحاد الدولي للاتصالات ITU  International Telecommunication Union

التابع للأمم المتحدة ومقره جنيف. سويسرا، أشار إلى انخفاض أسعار الاتصالات حول العالم ابتداءً من عام 2013، بالمقارنة مع دخل الفرد، فبعد أن كانت سلة 1,5 غيغابايت تُشكلُ 8,4% انخفضت إلى 3,2% عام 2019، وهي اليوم عند 2,8% من مجمل دخل الفرد، رغم الإغلاق بسبب كورونا،

وقد وصل الانخفاض السنوي “المُركّب” لأسعار الاتصالات إلى 15%، وإذا أخذنا الدولار وأسعاره مقارنة بالعملات، فتراجع الأسعار المتوسط لكافة دول العالم هو 7% على الأقل سنوياً بعد أخذ معدل التضخم بعين الاعتبار. هذا تقرير أصدره الاتحاد الدولي للاتصالات وتلاهُ السكرتير العام Houlin Zhao. فهل هناك دولٌ أسعارها لا تتبع الكرة الأرضية؟

الهند واحدة من الدول التي تُقدّم أرخص أسعار للاتصالات، لكنها رفعت أسعارها!

لن نأخذ دولة متطورة أو أخرى تقبع في ذيل القائمة، بل سنأخذ الهند مثالاً… لأول مرة؛ رُفعت أسعار الاتصالات في الهند من قِبَل شركتي الاتصالات vodafone idea الهندية التابعة لفودافون البريطانية العملاقة، وشركة “بهاراتي أرتل” الهندية. كان هذا خبر نُشر في أيلول 2019 لجسّ نبض المشتركين وقيل سيكون ابتداءً من كانون الأول 2019. السبب أنّ أسعار الاتصالات كانت منخفضة جداً مع نسبة ضرائب مرتفعة من الحكومة الهندية، وهذا أدّى لخسائر كبيرة في الشركتين كون الهند صاحبة أرخص دولة بأسعار الاتصالات في العالم. في 23 تشرين الثاني 2019 أُعلنت زيادة الأسعار بنسبة وصلت أقصاها إلى 25%، ما الذي حصل بعد الزيادة وكم أصبحت الأسعار في الهند؟

زيادة أسعار الاتصالات تؤدي لإفلاس الشركات!

بعد الزيادة أصبحت تكلفة شريحة أرتل بسعرها الجديد 50 روبية هندية، وتتضمن 2 غيغا بايت، الدولار 77 روبية، أي 71 سنت. تفعيل الشريحة يتم خلال نصف ساعة. الأجور اليومية الإضافية 15 روبية أي بمبلغ 6 دولار شهرياً تحصل على خدمة إنترنت على الموبايل، متضمنة سعر الشريحة، ومتوسط ​​سرعة تنزيل 12.41 ميغابايت في الثانية، وسرعة تحميل 4.76 ميغابايت في الثانية، وهذه أسعار شهر كانون الثاني 2021، السرعة تحسّنت إلى 17,89 ميغابايت/ثانية، وفقًا لمؤشر Speed Test العالمي لشهر  كانون الثاني 2022 وبقيت الأسعار كما هي.

بسبب الأسعار الرخيصة والضرائب المرتفعة، ورغمَ رفع تلكَ الأسعار، تراكمت الديون على شركة فودافون الهندية ووصلت إلى 30 مليار دولار، فاضطرت نيودلهي لوضع خطة إنقاذ للشركة بإعفائها من 4,3 مليار دولار. أحد الأسباب لتراكم هذه الديون كان رفع الأسعار؛ فخسرت 400 ألف مشترك خلال شهر فقط. عِلماً أنهُ مع نهاية تموز 2018؛ أصبحت الهند ثاني أكبر دولة في العالم بعدد مستخدمي الانترنت، والرقم هو 460 مليون و240 ألف مشترك.

الاتحاد الدولي للاتصالات: حتى عام 2025؛ يجب أن يكون ما ينفقه المواطن على خدمات الاتصالات والإنترنت شهرياً، أقل من 2% من نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي الشهري.

ما هي أرخص دول العالم بخدمة الإنترنت؟

أرخص إنترنت من حيث متوسط تكلفة 1 غيغابايت من بيانات الهاتف المحمول تقع في إسرائيل وتحتل المرتبة الأولى عالمياً بأرخص إنترنت بكلفة 5 سنت فقط للغيغابايت الواحد، تليها قرغيستان بـ15 سنت ثم فيجي بـ19 سنت فإيطاليا بـ27 سنت وفي المرتبة الخامسة السودان بـ27 سنت، نعم السودان الذي رفع أسعار الاتصالات 5% ثم 35% فثار الشارع، لكنه مازال من أرخص دول العالم. هذه بيانات آب 2021.

أين هي سوريا بالنسبة لأسعار الاتصالات؟

قد يُصرّحُ مسؤول ما أو صاحب شركة اتصالات بأن أسعار الاتصالات في سوريا الأرخص عالمياً، أو إن كان معتدلَ التصريحات سيقول أنها رخيصة، هل كلامه واقعي،أو قريب من الواقع؟ هذه معلومات كافية كي تُقرروا أنتم.

قبل شهور وفي أيلول 2021، ارتفعت أسعار كافة الخدمات من باقات شحن النت الجديدة بحد أعلى 70%، ورسم الاشتراك الشهري للهاتف الأرضي من 200 ليرة إلى 500 ليرة. ورسم تركيب هاتف ثابت، ونقل أو تنازل عن بوابة من 4500 إلى 10 آلاف ليرة… وكذلك رسم الاشتراك الشهري بالإنترنت “ADSL” وحسب السرعات، وهي سرعات لا يمكن تصنيفها عالمياً فنحن نتحدث عن سرعة 512 بـ2000 ليرة سورية. أما باقة الـ2 ميغا فهي بـ 4500 ليرة، وباقة الـ4 ميغا فهي بـ 7750 ليرة.

حسب الإعلام الرسمي؛ طالبت شركات الاتصالات في سوريا قبل يومين، من وزارة الاتصالات بالسماح لها بزيادة أسعارها عموماً بنسبة 200% بحجة زيادة تكاليف التشغيل لديها. التكاليف هذه بسبب زيادة سعر المازوت والفيول المشغل لأبراجها والبطاريات بسبب إنقطاع الكهرباء.

اليوم 29 أيار 2022 صدرت الزيادة بـ50% فقط! من أصل 200% تم “ترهيب” المواطن السوري بها، كي يرى أنّ 50% “دحٌّ” وفضلٌ كبير من الحكومة مقارنة بما طالبت به شركات الاتصالات… طبعاً لا توجد دولة في العالم ترفعُ أجور الاتصالات بهذه النسبة… لا توجد.

الآن وبعد الزيادة الأخيرة، بسرعة إنترنت في المركز 104 عالمياً، يدفع المواطن شهرياً لقاء خدمات الاتصالات بشكل دون المتوسط حوالي 100 ألف ليرة سورية، وهي تُعادل أكثر  من راتب الموظف. فإذا حسبنا النسبة العالمية الأعلى، يجب أن يدفع المواطن السوري 8000 ليرة عوضاً عن الـ100 ألف، أو يكون راتبه 1,2 مليون ليرة سورية. هذا مع سرعة إنترنت متوسطة، أي سيئة عالمياً. الجدول يوضح ترتيب سوريا عربياً بالنسبة لأسعار الخدمات هذا قبل الزيادتين الأخيرتين. والتاريخ كان آب 2021… ولكلّ يوم سعرهُ الجديد. تقرير مركز فيريل للدراسات. 29.05.2022.