الربيع العربي… يطرقُ باب طهران بقوة. زيد م. هاشم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات.

تمر الدول العربية دون استثناء بأسوأ مراحلها منذ الاحتلال العثماني، الأسباب متعددة بين داخلية وخارجية.

فالمتربصون بالوطن العربي زادت مؤامراتهم لتبلغ ذروتها بمهزلة الربيع العربي، الذي استهدف قبل كل شيء النسيج الاجتماعي والبنية الوطنية، فتغللت فيهما التنظيمات والفكر الإرهابي برعاية الإخوان المسلمين والوهابيين، والهدف الأساسي تفتيت هذه البلدان وتحويلها لدويلات فاشلة. نجحوا إلى حدّ كبير في بعضها، وفشلوا في الأخرى، لكنّ قائمة الدول العربية التي تنتظر دورها طويلة… الجزء الثاني من الربيع العربي والذي ذكرناه في مركز فيريل، بدأ… فما هو القادم؟

القادم على الدول العربية




تم إشعال النيران في العراق واليمن وليبيا وتونس وسوريا وإلى حد ما مصر والجزائر سابقاً، الدول تلك حملت الفكر القومي العربي يوماً.

ارتكبت الأحزاب والحكومات “العروبية” أخطاء كبيرة في مسيرتها داخلياً، لا جدال في ذلك، لكنّ ما كان هذا السبب الرئيسي وراء ما يحدث، بل أنها كانت تعتبرُ الصهيونية عدوها الرئيسي، وهنا بيت القصيد؛ إسرائيل. عودوا لأسماء تلك الدول التي استهدفها مشروع “الربيع العربي”، ترون أنّ الذين دعموا المعارضة فيها هم أعضاء الناتو والأهم تل أبيب.

بعد ظهور نتائج الربيع العربي بجزئه الأول، إسرائيل لم تعد عدواً عند أغلبها، وبات المعارضون الذين وصلوا لكرسي الحكم يُفاخرون بصداقتهم لتل أبيب، وبالمحصلة أصبح ظهور زعماء وسياسيّو ورياضيو الصهاينة في الكثير من الدول العربية، خاصة الخليجية، أمراً طبيعياً، وهذه هي المرحلة الأولى لجني الثمار في الطريق نحو “صفقة القرن”.

طهران الآن باتت الهدف الرئيسي، وتل أبيب أصبحت ابنة العم. انسحب ترامب من الاتفاق النووي وبدأت العقوبات المفروضة على إيران تأتي ثمارها اقتصادياً واجتماعياً على الأقل. العملة الإيرانية تعاني والشركات الأجنبية الكبيرة تركت استثماراتها ورحلت، والدخول في الجزء الثاني سيزيدُ الوضع سوءاً، وصولاً لفرض اتفاق نووي بصياغة إسرائيلية، سترفضهُ إيران بانتظار اشعال فتيل حرب، ستكون السعودية رأس الحربة فيها على ما يبدو.

القادم على إيران والمنطقة

ارتكبت الحكومات الإيرانية أخطاء عديدة متتالية ومازالت، وبحيادية نقول:

“تحالفُ إيران غير المُعلن مع كلّ مَن يُمثلُ الإخوان المسلمين، من أشخاص وتنظيمات ودول، سيؤدي لنتائج سيئة على طهران أولاً”.

شروط تعجيزية تريد تل أبيب عن طريق واشنطن فرضها على طهران، منها إيقاف برنامج الصواريخ الباليستية البعيدة المدى، التوقف عن التدخل في سوريا ولبنان واليمن، الانكماش والتقوقع ضمن حدودها، التوقف عن دعم كل حركة أو دولة تُعادي إسرائيل…

 

إيران ترفض ذلك، لهذا سيتم التحرك ضد حلفائها في العراق ولبنان واليمن وفلسطين بشكل مباشر، من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، أو غير مباشر من قبل أتباعهما.

التعزيزات العسكرية لواشنطن تتصاعد، وتشكيل “الناتو العربي” بات بانتظار قص الشريط الحريري، وفتيل الحروب سيزداد اشتعالاً بدءاً باليمن المقبل على التقسيم بوجود دولة فاشلة.

فتح ملفات حزب الله في لبنان، والتلويح بعقوبات دولية وإشعال الوضع الداخلي فيه، ضمن الجدول. التوجهات الجديدة في العراق، تتضمنُ إنشاء حلف جديد من زعماء الشيعة التابعين لواشنطن يتوافق مع زعماء السنة والأكراد، تمهيداً لإشعال الساحة العراقية وتحويلها لميدان مواجهة وصراع بين واشنطن وطهران.

الولايات المتحدة لن تسمح بخسارة مصر، وتقارب الأخيرة مع روسيا تحت المراقبة اللصيقة. الجيش المصري مطلوبٌ ليس لمحاربة إسرائيل بل للانخراط في “الناتو العربي”، وكذلك الأردن… ولن نتفاجأ في مركز فيريل بالطلب من مصر أن تتدخل في العراق عسكرياً لفصل القوات المتحاربة مستقبلاً، والوصول لمواجهة مع إيران… ورفض القاهرة ستترتبُ عليه نتائج اقتصادية غير سارّة.

الجيش الأميركي باقٍ في العراق ويتمدد… وواشنطن بنَت أكبر سفارة لها في العالم في بغداد، ليس  لتنسحبَ منه، كما أنّ إنشاء قنصلية كبيرة لها في أربيل بشمال العراق، وقواعد عسكرية، مرتبط بمعاهدة أمنية مع الحكومة الانفصالية فيه.

تحريك الداخل. عقوبات اقتصادية شديدة. هجمات من مقاتلين أكراد. ضرب المصالح الإيرانية في الخارج. عمليات إرهابية داخلية… ثم تحرك في العراق و… الناتو العربي برأس الحربة السعودية… فيريل للدراسات.

هذا الحصار الخانق على إيران، مع اعتداءات أمنية فوق الأراضي الإيرانية، وتحريك للداخل عبر مظاهرات بسبب اقتصادي… كما أن تحريك مقاتلي الأحزاب الكردية في الشمال والشمال غربي، قائم وسيزداد… كل هذا سيدفعها للدفاع، ليس عن أمنها، بل عن وجودها، وهو ما تسعى إليه واشنطن، بانتظار حركة إيرانية عسكرية مباشرة أو غير مباشرة ليتم الرد عليها بقوة. هنا ستدخل المنطقة بحرب إقليمية وهو ما تريده تل أبيب قبل انتهاء ولاية ترامب… الحرب على إيران ستكون إحدى المهام الرئيسية التي أيدت فيه إسرائيل ترامب. زيد م. هاشم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. لم نتطرق لسوريا لأنّ ذلك يحتاج لمقالة مستقلة قادمة أكثر اتساعاً.