منخفض عيد الميلاد. المنخفض الغريب

ضمن سلسلة تبدّل المناخ في العالم؛ تضرب الأعاصير شرقي آسيا كما يحدث الآن في الفيلبين، الحرائق تقضي على مساحات واسعة في أستراليا ودرجات حرارة قياسية في صيف نصف الكرة الأرضية الجنوبي، بينما تُسجّلُ آلاسكا أعلى درجات حرارة في تاريخها لهذا الشتاء 1,3 فوق الصفر. فيضانات في جنوب أوروبا خاصة إسبانيا، أما هنا في ألمانيا فالوضع سيء… علماء الأرصاد الجوية والمناخ أكدوا لمركز فيريل للدراسات أنه “أسوأ شتاء في تاريخ ألمانيا”! درجة الحرارة في تشرين الثاني الماضي تجاوزت المعدل العام بـ3,2 درجة، ليأتي كانون الأول مسجلاً 17,6 درجة مئوية في الغرب الألماني ومتجاوزاً المعدل بعشر درجات، أما توقعات كانون الثاني القادم فلا تُبشر بشتاء بارد يُعوّض جزءاً من ارتفاع الحرارة. إنه الشتاء الأكثر دفئاً في تاريخ أوروبا وصولاً إلى موسكو حتى الآن والعلماء يُطلقون تحذيرات “مخيفة” من القادم… #منخفض_عيد_الميلاد

الأمر ينسحبُ على الشرق الأوسط أيضاً، بحرارة قريبة من المعدل وأعلى بقليل خلال تشرين الثاني الماضي حيث سجّلت دمشق 1,1 درجة أعلى من المعدل والأمر نفسه في كانون الأول الحالي. لكن هناك تغيّراتٌ تتجاوز درجة الحرارة إلى نشوء المنخفض الغريب. منذ أكثر من خمس سنوات طرأ تغيير على حركة المنخفضات الجوية في المنطقة، وذلك ضمن تغيرات المناخ حول العالم. وقد لاحظنا في مركز فيريل للدراسات أنّ فترة استمرار تأثير بعض المنخفضات زادت عن 7 أيام بينما كانت لا تتجاوز 3 أيام إلا نادراً. وقد يضربُ منخفض عيد الميلاد رقماً قياساً في فترة استمراريته بسبب حركته البطيئة المتواترة. بتاريخ 19.12.2019 اقترب منخفض جوي عميق من منشأ أطلسي “نادر” وبتغذية الرياح الباردة عبر شرقي أوروبا. استقر بعد ثلاثة أيام غرب جزيرة قبرص ثم اقترب من الشواطئ السورية، رافقته أمطار غزيرة غير منتظمة. منذ خمسة أيام لم يتحرّك مركز المنخفض شرقاً، وهو المسار الطبيعي، اليوم 27.12.2019 وبحركة معاكسة لقوى الطبيعة يستمر منخفض عيد الميلاد بالتأثير على شرقي المتوسط وسوريا للأيام القادمة ولكن… سيتحرّكُ غرباً نحو جزيرة كريت، ليتمّ إعادة إشباعهِ بالرطوبة وتنخفض قيم الضغط فيه إلى 1006 ميليبار، ثم يعود للحركة بتاريخ 30.12 شرقاً!!

سجلت سرعة الرياح في المرتفعات الجبلية والشواطئ 96 كلم/سا مسببة أضراراً في لبنان وسوريا ومصر، مع فيضانات محلية نتيجة تساقط كميات كبيرة من الأمطار، كما ارتفعت الأمواج لتصل إلى 5 أمتار مما أدى لإغلاق الموانئ البحرية. الثلوج بقيت على ارتفاع فوق 1400 متر لأن المنخفض ليس قطبياً كما أشاع البعض.

التوقعات للأيام القادمة صعبة، لكنّ الخرائط الحالية تُشير لاستمرارية الوضع حتى ما بعد بداية العام القادم، على الأقل. تشتد أحياناً وتضعف في أخرى، ولن تكون الهطولات منتظمة وشاملة، أي نحنُ أقربُ لحالة عدم استقرار جوية، وهو ما توقعناه في مركز فيريل عندما نشرنا عن شتاء 2020. لا منخفضات نموذجية. مستوى الثلج قد ينخفض إذا تدفق هواء أكثر برودة، توقعاتنا أن هذا سيبدأ الإثنين القادم، حيث يتحول المصدر شرقاً ليصلنا من وسط روسيا. التيارات الباردة تصل إلى عمق الصحراء الكبرى عبر المتوسط فتسجل مناطق جنوب الجزائر 6 درجات تحت الصفر وهي أبرد من موسكو! كي نأخذ فكرة عما يحدث: معدل الحرارة ليلاً في موسكو بتاريخ 30 كانون الأول هو 13 درجة تحت الصفر، سوف تُسجل موسكو درجتين تحت الصفر والفارق 11 درجة أكثر دفئاً.

بالمحصلة، حرارة الأرض نحو الارتفاع حتى الآن والأسوأ مناخياً قادم، وليس هناك أيّ دليل علمي على ما حاولت ناسا تطمين العلماء بـ “العصر الجليدي” المزعوم… مركز فيريل للدراسات. 27.12.2019. سنتحدّث لاحقاً عن إشاعة “العصر الجليدي المُصغّر”!